التعليم العالي
شهد التعليم الجامعي تطوراً كمياً ونوعياً في دولة الإمارات ليس باعتباره القناة التي يمكن من خلالها تهيئة الكوادر الوطنية المتخصصة في مختلف مجالات المعرفة التي يناط بها مسؤولية البناء في المشروع النهضوي التنموي الشامل فقط، وإنما لدوره في منظومة النشاط الفكري والبحث العلمي في الدولة.
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تضطلع قبل دمجها في وزارة التربية والتعليم بدور مهم وحيوي في وضع الاستراتيجيات بعيدة المدى للتعليم العالي وتشرف على مؤسسات التعليم العالي لضمان مخرجات التعليم والحفاظ على السمعة العلمية للدولة.
هذا المستوى من التعليم لم يكن معروفاً في الدولة، لذلك ففي خطاب المغفور له الشيخ زايد في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الثاني للمجلس الوطني الاتحادي بتاريخ 20 نوفمبر 1974 وجه سموه إلى إنشاء جامعة الإمارات فقال : ( وبعد أن تم توسيع قاعدة التعليم على أسس علمية تواكب حاجات العصر الحديث فقد أصدرنا التوجيهات لإعداد الدراسات اللازمة لإنشاء جامعة في دولة الإمارات العربية المتحدة لاستكمال مقومات التقدم الحضاري والثقافي في الدولة ونأمل ان يتم افتتاح عدد من الكليات العالية خلال فترة قصيرة من الزمن في إطار من التنسيق مع أشقائنا في دول الخليج).
وقد سعد المجلس بخطاب المغفور له عن عزم الحكومة على تنفيذ إنشاء الجامعة التي هي إحدى رغبات المجلس وأمانيه، وجاء في الرد ( ويرجو المجلس أن يرى هذا الأمل واقعاً مجسداً حتى تتمكن هذه الكليات من استقبال الأعداد المتزايدة من خريجي المدارس الثانوية).
كما أشاد المجلس الوطني الاتحادي بسياسة الحكومة في التوسع الأفقي باستحداث كليات جديدة وقال : (إن المجلس ليأمل ان يرتبط هذا التوسع بحركة التقدم في الدولة وان تترسم أولوياته احتياجات النهضة ومتطلبات التنمية في البلاد).
كما رأى ان الجامعات الوطنية عليها العبء الأكبر في بناء نهضة الأمة، وخلق جيل قادر على استيعاب المنجزات الحديثة، وربطها بواقع المجتمع وما يؤمن به من القيم والمثل، وهذا ما يؤمله في جامعة الإمارات: ( إننا نأمل ان تكون جامعة الإمارات مصدر إشعاع وفلسفة لكل القيم والمثل التي ترتبط بواقعنا لخلق جيل جديد قادر على تحمل مسؤولية العمل الوطني في المرحلة المقبلة، في المجالات كافة).
والتعليم يعطي الفرد دائماً فرصة أكبر للمشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية مما يؤكد المكانة المحورية له في عملية بناء المجتمع، فقد نص الدستور في المادة (17) على أن (التعليم عامل أساسي لتقدم المجتمع) وعند افتتاح جامعة الإمارات أكد المغفور له الشيخ زايد على أن التعليم يشكل استثماراً لرؤوس الأموال في الإنسان لما لهذا الاستثمار من عائدات تزيد كثيراً عما يتم إنفاقه على المشاريع التجارية والصناعية والزراعية لأن التعليم ثروة مستمرة قادرة على العطاء المستمر وقد تجسدت هذه الفكرة بقول سموه : ( إن اكبر استثمار للمال هو استثماره في خلق أجيال من المتعلمين المثقفين).
لقد تم إنشاء جامعة الإمارات العربية المتحدة بمبادرة كريمة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – في العام 1976 في مدينة العين، حيث أراد لها سموه ان تكون الجامعة اتحادية ذات هوية عربية – إسلامية ومصدر إشعاع حضاري للفكر والثقافة والعلوم، ومنذ إنشائها أعطت الجامعة الأولوية القصوى لتطوير برامجها وخططها الدراسية بما يتوافق مع حاجات ومتطلبات المجتمع مع الالتزام بالمعايير الأكاديمية العالمية مع الحفاظ على قيم وسياسات واستراتيجيات الدولة.
إلى جانب الجامعات والكليات الحكومية الرسمية الثلاث جامعة الإمارات العربية المتحدة بمدينة العين 1976 وجامعة زايد بفرعيها في ابوظبي ودبي 1997 وكليات التقنية العليا 1988، 1989 هناك 30 مؤسسة للتعليم العالي تمارس بنشاط التعليم العالي العلمي والنظري و 16 جامعة وكلية تم معادلة شهاداتها.
هذا التوسع الكمي رافقه منذ البداية عناية خاصة بالكيف والجودة، إذ بلغ عدد التخصصات في المؤسسات التعليمية آنفة الذكر أكثر من 650 تخصصاً أكاديمياً.
إن ما وصلت إليه الدولة في مجال التعليم العالي يعكس اهتمام المغفور له في هذا المجال، ودور المجلس الوطني في متابعة هذه التوجهات وتنفيذها من الحكومة، وذلك لأن خطط التنمية بحاجة ماسة لقيادات بشرية مواطنة مؤهلة تأهيلاً علمياً متقدماً يمكنها أن تتحمل المسؤولية في بلد يرتقي سلم التقدم بوتيرة عالية.
ولخريجي التقنية العليا أثر كبير في اقتصاد الدولة ذلك أن زيادة معدلات التعليم وزيادة معدلات النمو الاقتصادي أمران متلازمان مقترنان.
وتأكيداً لذلك جاء في خطاب المفغور له الشيخ زايد بمناسبة افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي العاشر : ( .. وكثفنا الجهود منذ سنوات الاتحاد الأولى لتنمية العنصر البشري وتأهيله تأهيلاً متكاملاً باعتباره الثروة الحقيقة للوطن واعتمدنا في سياسة الدولة التعليمية على ركائز أساسية مستمدة من العقيدة الإسلامية وما توارثه مجتمع الإمارات من قيم عربية أصيلة، بهدف إعداد المواطنين لمواجهة تحديات وطموحات المستقبل، وللوفاء باحتياجات المجتمع، واليوم – بحمد الله تعالى – أصبحت المؤسسات التعليمية بما فيها الكليات المتخصصة. وكليات التقنية العليا وجامعة الإمارات قادرة على تزويد الدولة بالكوادر الوطنية التي نعتبرها عماد المستقبل وأمله في تحقيق طموحات الوطن وازدهاره).
لقد أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة في فترة وجيزة نظاماً تعليمياً عالياً ومتطوراً وذلك بفضل الرؤية الحكيمة للمغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – حيث يحصل مواطنو دولة الإمارات العربية المتحدة على التعليم العالي بشكل مجاني وبدون أية رسوم كما توفر جامعة الإمارات العربية المتحدة السكن الجامعي للطلبة المقيمين خارج مدينة العين.
إن نسبة المشاركة في التعليم العالي بدولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر من أعلى النسب عالمياً حيث تبلغ 95٪ للطالبات و 80٪ للطلاب وذلك من خريجي الثانوية العامة، سواء من الذين يودون الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي في الدولة أو من الملتحقين ببعثة دراسية في الخارج.
إن البيانات الاحصائية التي تعتمدها وزارة التربية والتعليم تشير إلى زيادة في المجموع العام للطلبة الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي في الدولة والمتمثلة بكل من جامعة الإمارات العربية المتحدة، وكليات التقنية العليا وجامعة زايد. حيث بلغ إجمالي الطلبة المسجلين في المؤسسات التعليمية الثلاث في السنة الأكاديمية 199/2000 كان العدد 27696 طالب وطالبة ومع بداية السنة الأكاديمية 2004/2005 فإن العدد ارتفع ليبلغ 34207 طالب وطالبة . أما بالنسبة لخريجي مؤسسات التعليم العالي الحكومية فقد ارتفع من 4834 في السنة الأكاديمية 199/2000 ليصبح 6632 في السنة الأكاديمية 2004/2005 .
الموضوع جميل ورائع لأنك وضحتي التعليم في الإمارات وشكرا على الصورة و الفديو...
ردحذفFa.A